أرشيف

ابتسام وناهد . . اعترافات مثيرة من ذاكرة الهروب

"أبتسام" 22 عاماً.. قالت: أنا أنتمي إلى محافظة تعز، ولكني من مواليد محافظة عدن، فقد عشت في عدن وقضيت بها أجمل سنوات عمري.

ثم تنهدت (أبتسام) بحرارة وكأنها لامست جراح..! وقالت: والدي ضابط متقاعد، حكم علينا بالإهمال، أنا وبقية أفراد الأسرة المكونة من (4) أفراد.. ثلاثة أولاد وأنا البنت الوحيدة..

نعيش في مسكن راقٍ، ومتوفر لنا سبل الحياة الكريمة، من مأكل ومشرب وملابس.. "وسيارة" خاصة بالأسرة، يقودها شقيقي الأكبر محمد 29 عاماً.. أمي الله يحميها ويحرسها تحملت أعباء المسئولية في تربية أخوتي وتنشئتهم..

والدي يحاول تعويض غيابه الدائم والمستمر عن البيت، بإغداق المال علينا ومنح الأبناء مصاريف كبيرة مقارنة بزملائهم الآخرين..

حب.. أم ابتزاز!

ابتسام تعرفت على حبيب القلب، شاب في مثل عمرها، كان يقف بالساعات أمام مدرستها الثانوية.. ظهر مثل عصفور غريب بأحاسيس خادعة.. أقنعها بالحب.. ولم تكن تعلم بأنه يمثل عليها دور الحبيب.

كان يظهر أمامها.. شاباً محباً لها.. ومغرماً بكل شيء فيها.. لا يعيبه شيء سوى أنه فقير محتاج..

تقاعد

 تتحدث عن الحبيب وتقول ابتسام:

كان بصراحة كل ما يقوله عن الحب ما هو إلا وهم في وهم.. بينما الغرض الحقيقي شيء آخر.. ولكنه كان يستخدم سياسة "الغاية تبرر الوسيلة"..

بعد فترة ليست بالقصيرة.. وتحديداً عند مطلع العام 2004م فوجئت "أبتسام" بتقاعد والدها، وبقاءه المستمر والدائم في البيت.. والأدهى والأمر من ذلك كما قالت: تعامله بطريقة عسكرية صارمة.. وكان في أحايين كثيرة يجد نفسه مضطراً إلى حرمان أبنائه من المصروف اليومي، الذي قل بعد التقاعد.

الحلم الضائع

 أخيراً خرجت "أبتسام" ابنة العقيد عن صمتها وأطلقت نيرانها على والدها.. وتمردت على الفرمانات التي كان يصدرها بمنعها من الخروج نهائياً من المنزل حتى بعد أن تخرجت من المرحلة الثانوية.. ولكنها لم تستطع مقاومة اللواعج والأشواق لملاقاة حبيب القلب (ماجد) ورغم أنها لم تستسلم إلا أن كل محاولاتها باءت  بالفشل.. فبدأت تفكر بالطريق الصعب المحفوف بالمخاطر.

الهروب

 ترددت قليلاً وخفت كثيراً.. وفكرت أننا نعيش الآن في عالم خطر، فهل نغلق نوافذنا وأبوابنا ونقبع في بيوتنا؟! ألا نذهب إلى الأماكن التي فيها من نحب ونعشق.. هل أصبحت عرضة للخطر.. وعالمنا كله خطر..

"وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"..

وهكذا اتخذت أصعب قرار في حياتها.. الهروب مع الحبيب (ماجد) من مدينة عدن إلى العاصمة صنعاء.. على أساس الزواج.. وحسب التخطيط المتفق بينهما..!

خيانة

  أخذت "أبتسام" ترسم في مخيلتها وروداً حمراء عطرة تتناثر على توب زفافها الأبيض الجميل"..

ظنت أن حلم العمر أصبح قريب المنال وأن زفافها من (ماجد) سيغدو حقيقة.. فطالما حلمت بالعيش مع حبيب القلب في بيت واحد..

تكون هي السيدة الأولى والأخيرة.. لم تكن (أبتسام) تعلم أن الخيانة تترصدها، وأن مفاجأة قاصمة للظهر في انتظارها.. فالحبيب (ماجد) نهب أموالها وسرق كل مصوغاتها ومجوهراتها وفر هارباً.. اختفى عن الأنظار، وزاد من معاناتها انها اكتشفت مؤخراً.. أن (ماجد) كان هدفه الأساسي من وراء كل ذلك الحب الزائف هو الابتزاز والسرقة والنهب.

في تلك الأثناء والسماء ملبدة بغيوم كئيبة شعرت (أبتسام) التي ظلت منذ الحادثة "الصدمة" حبيسة الفراش والألم، وغير قادرة على النهوض.

ودرئاً للفضيحة، وعدم عودتها للمنزل خائبة، عجزت عن إبلاغ سلطات الأمن، عن ما تعرضت له من نهب وسرقة على يد حبيبها المتواري عن الأنظار (ماجد)..

..أخيراً لم يكن أمامها.. كما قالت.. وهي صغيرة السن قليلة التجربة إلا أن تتساءل:

هل من المعقول أن تتحول مشاعر الحب الملتهبة إلى خيانة وغدر !

الإجابة لقد كان حباً ومات..!!

الدعارة رمز القهر في المجتمع

خرجت "أبتسام" من هذه التجربة المرة المؤلمة، حاقدة على كل من حولها، عازمة  على الانتقام من كل شيء، وفي المقدمة من نفسها، دون حساب للنتائج..

كانت تعتمل في نفسها مشاعر وردود أفعال متناقضة ومتضاربة.. وألف سؤال يرتسم أمام ناظريها..

هل يعقل أن أعود إلى البيت، بعد كل ما جرى..

ماذا أقول لأسرتي؟!

أنني أتخيل نظرات الازدراء والاحتقار في عيون الجميع.. وكانت قناعتها بأن هذا الباب موصد.. ولابد من دفع الثمن.. مهما كان باهظاً ولأن الإنسان كثيراً ما يكره شيئاً  يكون خيراً له..

كانت الاعترافات أكثر وضوحاً خاصة بعد أن وقعت "أبتسام" في براثن سائق تكسي في العاصمة..

"قدم لها السم في العسل" وأغراها بالحرام في ثوب الحلال.. مردداً أمامها: "الضرورات تبيح المحظورات"..

مستغلاً براءتها وقسوة ظروفها.. حتى تمكن بأسلوبه الشيطاني من أقٌناعها.. وتعمد أن يفتح أمامها أهم الأبواب.. ويدخلها عالماً جديداً سوف تسعد فيه بالمال والثراء والوجاهة.

كان يبدو أن سائق التاكسي له نشاط في مجال القوادة.. ولكن على طريقته الخاصة.. فهو يقوم باصطياد الفتيات اللائي يستقلن التاكسي، ويستغل حاجتهن إلى العمل والنقود والرغبة في الثراء السريع وجمع المال.

وهكذا ترددت على الرجال راغبي المتعة الحرام في بعض الفنادق، وفي أوقات مختلفة..!

المفاجأة الجديدة كانت لا تقل أهمية وخطورة عن مفاجأة حبيبها (ماجد)..

وهكذا بدأت أولى خطواتها نحو ذلك العالم الغامض.. المليء بالأسرار.. عالم "الدعارة" وبيع الجسد..! دون أن تعلم.. إنها قضت على مستقبلها.. وحكمت على نفسها بالإعدام..

أما ما هو "أفظع" أن تضطر "أبتسام" إلى معاشرة رجال لا تطيقهم، ولا يقدمون لها أساسيات المودة والرحمة.. وإنما يهينونها ويغتصبونها جسدياً ونفسياً.. وكل ذلك من أجل المال.

ناهد اتهموها بالخيانة وحرموها من طفلها

ومثل ابتسام مرت ناهد بتجربة مشابهة وإن كانت أكثر ايلاماً ومرارة حيث تزوجت برجل بلطجي كما قالت وكان لديه ثلاث زوجات قبلها وأولاد، وكان لأ هم لهذا الزوج سوى اشباع رغباته منها في الوقت الذي يريد هو وأحياناً يتركها في منزله الشعبي لوحدها لمدة شهر دون زيارة وخلال زواجها منه أنجبت طفلاً وصبرت وتحملت هرم ذلك الشخص العفن كما وصفته لكنه في الأخير كان يضربها ويتهمها بالخيانة.

ومما زاد من بؤسها أنها كلما كانت تذهب تشتكي لأهلها لا يصدقوها ويصدقون زوجها، ويعيدوها اليه حتى وصل زوجها إلى حد الجنون وأخذ منها ولدها وسلمه لضرتها بحجة أنها ليست أم وأن الولد سوف يطلع صايع مثل أمه وأمام هذا الحصار والعذاب اضطرت للهروب حتى وصلت إلى الطريق التي كانت متهمة بها وهي بريئة.

زر الذهاب إلى الأعلى